تماماًمثل النمط المقدم في عالم الأفلام السينمائية، وعالم الفيديو كليبوالأغاني العربية منها والأجنبية، لكن هذه المرة في عالم أوسع، عالم منالشبكات المترابطة التي نُسِجت خيوطها بمواقع وصفحات ألوانها مختلفة..وأعدادها لا حصر لها.
العنوان كان على الشكل التالي: الـ (توب تن) لأفضل المواقع تصفحاً علىالشبكة، أما بداية القصة فجاءت عبر محرك بحث إحصائي يقدم للباحث مؤشرات عنأكثر المواقع تصفحاً وزيارة بحسب الانتشار الجغرافي ومكان الاتصال..وإمكانية أن نجيب عن سؤال: ماذا يتصفح السوريون والمجتمع المحلي.. ممكنةإذا، لكن هل الأرقام الناتجة تحاكي الواقع فعلاً وتعطي مؤشرات عناستخدامات الإنترنت محلياً، وهل يفرض نوع الخدمة المقدمة وجودتها أنماطاًمعينة من التصفح؟!.. لنعرف سنسمح للسطور أن تقدم الإجابات:
آراء أولية
يقتصر استخدام زاهر -شاب جامعي- لشبكة الإنترنت على تصفح بريده الالكترونيوعلى زيارة بعض مواقع السيارات، نظراً لاهتمامه بالتفاصيل والمعلومات التيتقدمها مثل هذه المواقع عن أنواع مختلفة منها. أما سامر فمع تأكيده علىتصفح بريده الالكتروني الخاص يقول إنه يقوم باستمرار بتحميل مقاطع صوتيةومحتويات نصية، أما المحتويات الفيلمية فإنه يفكر كثيرا قبل أن يقومبتحميلها، نظراً لبطء الاتصال لديه عن طريق الهاتف وانقطاعه المستمر.
في حين يتحدث السيد خليل، أحد أصحاب مقاهي الإنترنت في منطقة البرامكة -وهم إحدى الفئات التي تستطيع لعب دور المراقب بالنسبة لزوارها من مستخدميالإنترنت- عن المحتوى الذي يتصفحه الزوار بالقول: إن معظم رواد المقهىلديه هم من متصفحي مواقع الدردشة، بالإضافة إلى كون فئة كبيرة من الشبانيتصفحون المواقع الإباحية.
ويرى أن حجب مثل هذه المواقع بالنسبة إليه أمر ليس بوارد، كونه يرتبط بالدرجة الأولى بوعي الاستخدام.
إحصائيات أكثر دلالة
مزودات خدمة الإنترنت فئة ثانية أكثر قدرة بكل تأكيد على جمع مؤشراتلطبيعة التصفح، ويتحدث الأستاذ (وسام تركماني) أحد العاملين في قطاعالإنترنت الخاص (مزودات الخدمة) بالقول: إنه وبمراجعة المواقع الشهيرةلقياس سلوك المستخدمين، وبمراجعة البيانات الداخلية الخاصة بالمزود الخاصبنا لمعرفة المواقع التي يرتادها مستخدمو الإنترنت محلياً تبين أنها تنقسمإلى عدة أجزاء، إذ يأتي أولاً وبالصدارة مواقع محركات البحث، وتأتيبالمرتبة الثانية مواقع الدردشة والتعارف ومواقع الوسائط المتعددةوالأفلام، ثم وبدرجة معينة تأتي المواقع الإخبارية والسياسية.
ويضيف (التركماني): إن المواقع الإباحية والمواقع الشائنة أخلاقياً تشكلنسبة لا تنكر من تلك القائمة، وجزءاً لا يمكن المرور دون الحديث عنه،وبالرغم من أننا كمزودات خدمة، إضافة للجهات الرقابية القائمة، نحاولمقاومة هذه المواقع ومنع شبابنا من دخولها، لكن الموضوع يدخل في قائمة شبهالمستحيل، نظرا لكثرة تلك المواقع!.. رغم كل ذلك وتبقى فعالية الحمايةمقترنة بوعي المستخدم نفسه بالدرجة الأولى. ويبدو بحسب ملاحظاتنا أيضاً أنبعض الزيارات بدأت تظهر بشكل خجول لمواقع المعلومات العامة، والتعليمالالكتروني لكنها للأسف متأخرة وقليلة نسبياً.
بشكل عام، نلاحظ أن الإنترنت في سورية -حسب سلوك مستخدميه- مازال وسيلة ترفيه ولم يرتقِ ليصبح جزءاً من الحياة الرقمية بعد.
وسيط اقتصادي.. ما زال للترفيه
التركماني تحدث عن نسب مئوية للمواقع الأكثر زيارة فقال: عند الحديث عننسب يجب إهمال نسب الزيارة المحققة لمحركات البحث لأنها لا تعتبر تصفحاًبحد ذاته، لكنها وسيلة وصول للصفحات، وهذا الكلام يشمل أيضاً مواقع مزوداتالخدمة لأنها محطة شبه إجبارية للمتصفح.. وبعد استبعاد المواقع المذكورةنجد أن المواقع الترفيهية تشكل حوالي 60% في حين أن هناك ما نسبته 20%للمواقع الشائنة والإباحية مع الملاحظة لطول فترة الزيارة فيها مقارنة معالمواقع الأخرى، وتأتي المواقع الإخبارية بنسبة تصل لحدود 15% وما نسبته5% للمواقع الأخرى، مع الملاحظة بأن المواقع الأخرى لا تشمل قياس مواقعالبريد الالكتروني باعتبارها محطة إخبارية أيضاً.
وبمقارنة الزيارة والاستخدام عند السوريين بدول متقدمة مثلاً، نلاحظ غيابمواقع التجارة الالكترونية والتبادل التجاري والمواقع الاستثمارية ومواقعالدفع الالكتروني والمواقع الحكومية، بينما تعتبر في قائمة المواقع الأكثرزيارة في الدول الأخرى
ويترك الأستاذ وسام تركماني التفسير لأصحاب الشأن في خلق مثل تلك المواقعوجعلها ذات فائدة عند دراسة إحصائية أخرى، حتى يكون لمثل هذه المواقع نسبةفي إحصاءاتنا حتى ولو كانت خجولة.
أخيراً يمكن القول إن الإنترنت ما زالت وسيلة ترفيه في حين أنها وسيط اقتصادي مهم في دول أخرى.
تأكيد.. مع مقاطعات بسيطة
يبدأ الأستاذ (عماد المهايني) مؤسس شبكة المعلوماتيين الشباب التابعةللجمعية العلمية السورية للمعلوماتية حديثه بالتأكيد على صحة وجود الكثيرمن محركات البحث التي تقدم مؤشرات حول نوعية المواقع المتصفحة أو ما يسمىالـ "رانكينغ" للمواقع التي يزورها مستخدمو الإنترنت وإمكانية إجراءمقارنة إحصائية بحسب المنطقة أو نوعية محتوى المواقع (مواقع الميديا-مواقع السوفت وير- مواقع التسوق الالكتروني..).
ويقول عند الحديث عن طبيعة المواقع التي يتصفحها السوريون، أي بالنظر إلىالنسب بحسب المواقع، نجد فيها اختلافاً عن تلك التي يستخدمها مستخدمونآخرون في دول أخرى متقدمة من العالم، وهذا الأمر يعود بدرجات مختلفةللثقافة، وللدرجة العلمية، وللاهتمامات، الموجودة في تلك المجتمعات،وبإجراء مقاطعات بسيطة بين المواقع الأكثر تصدراً عالمياً والمواقع الأكثرتصدراً محلياً، نجد أن الاهتمامات العالمية تغيب عن القائمة المحليةأحياناً لحجب هذه المواقع، وأحياناً أخرى لطبيعة الاتصال وأيضاً لغيابثقافة التصفح بالنسبة للمستخدم المحلي، إذ تتصدر مواقع مثل (اليوتيوبوالفيس بوك) القائمة بترتيب متقدم، لكنها للأسف محجوبة لدينا وتغيب عنالقائمة، علماً أن لمثل هذه المواقع استخدامات إيجابية عديدة، حيث يقوممحاضرون في جامعات عالمية كبرى بنشر محاضراتهم في موقع عرض الفيديوالعالمي (اليوتيوب)، ويأتي بترتيب متقدم أيضاً موقع الموسوعة العالمية(الوكبيديا) التي تعنى بالمعلومات العامة والتي تقبل الإضافة منالمستخدمين أنفسهم، وموقع مدونات يسمى (البلوغر) وهي مواقع تمكن المستخدممن التفاعل مع المحتوى وتعديله أو الإضافة عليه، في حين أنها وللأسفمحجوبة لدينا، (وعلى سبيل المثال يحتل موقع الوكبيديا ترتيب 16 محلياً، فيحين أن الترتيب عالمياً رقمه 4)، وحتى فيما هو متاح منها يتم التعاطي معهبشكل سلبي، فالثقافة المحلية لدينا تقوم على التصفح والأخذ دون المشاركةأو المساهمة الفكرية بالإضافات أو الحلول أو الاقتراحات، لكن يمكن الإضافةفي هذه النقطة بالقول إن حجب المواقع له الكثير من التأثيرات السلبية تفوقالإيجابيات نظراً لكون هذه المواقع سلاحاً ذا حدين بالنسبة للمتصفح.
(المهايني) ختم طرحه بالقول: الإنترنت في دول متقدمة خدمة أساسية لا يمكنالاستغناء عنها تدخل في مجالات الحياة كافة، فلوجودها دور في البيعوالشراء وفي الدراسة وكذلك إمكانية التواصل مع الآخرين، إضافة إلى تفاصيلأخرى تصل إلى درجة معرفة حالة الطقس مثلاً، في حين أن اهتمامات مستخدمالإنترنت السوري متعلقة بالبحث والبريد الالكتروني ثم بالأخبار المحليةبحسب تفسير نسب هذه المواقع الإحصائية.
المواقع الإباحية.. غائبة!!
تغيب المواقع الإباحية عن الظهور في الترتيب المتقدم بالنسبة لقائمةالمواقع الأكثر زيارة إن كان عالمياً أو محلياً، وهذا الأمر يفسره الأستاذ(عماد المهايني) بالقول إن الموقع الإباحي (اكس) على سبيل المثال لا يمكنأن نجد له ترتيباً على محركات البحث الإحصائية لسبب مهم جداً وهو أنالمواقع الإباحية عددها كبير جداً، ومن هنا فالنسبة الإحصائية للدخول لهذهالمواقع موزعة بين كل هذه المواقع، ولكن بالتأكيد إن أمكن جمع كل هذهالمواقع من هذا النوع، وأمكننا رؤية ترتيبها في سورية لكان الرقم مخيفاًجداً.. وربما يحتل الصدارة علماً أن ما نسبته أكثر من 60% من مواقعالإنترنت في العالم هي مواقع إباحية، وفي كل يوم هناك مواقع جديدة من هذاالنمط.
ويضيف: هذه المواقع يتم حجبها عن طريق ما يسمى تصفية المحتوى ومعالجة بعضالكلمات الدلالية، وهذه الطريقة لها مساوئ، إذ يمكن أن يصل الأمر لحجبالكثير من المواقع الطبية مثلاً والمفيدة نتيجة وجود كلمات مثل تلك التيتحتويها المواقع السيئة أخلاقياً.
ولا يغيب على أحد أن الحماية الفعلية من هذه المواقع يجب أن يشارك بهاكافة أفراد المجتمع بكل أركانه خاصة على مستوى الأسرة من ناحية مراقبةسلوك المراهقين الصغار ومن خلال التوعية والتوجيه نحو الاستخدام المفيدلهذه الخدمة.
سوء خدمة يعني سوء تصفح
المسألة التي لا نستطيع أن نتجاهلها في مقاربة الموضوع، هي أن سلوكمستخدمي الإنترنت محلياً، يرتبط بدرجة كبيرة بالخدمات المقدمة.. ويرىالأستاذ (رائف العابد) أحد الخبراء في مجال مشاريع المحتوى العربي، أنتطور إدارة أدوات المواقع واعتمادها على أنواع من الملفات ذات الأحجامالكبيرة المصممة أصلاً للاستخدام عبر أجيال متقدمة من بوابات متطورةللاتصال، تحتاج إلى سرعات عالية لنقل البيانات، وهي ليست مصممة، بأي حال،لتداولها عبر الاتصال الهاتفي العادي، أي نمط الاتصال الشائع في سورية.
فهذه البوابات غير مصممة لتخديم المواقع التي يزورها الكثيرون من الشباب،عدا عن كبر حجم رسائل البريد الالكتروني، وزيادة تبادل الملفات بينمستخدمي الإنترنت، ودخول ملفات الوسائط المتعددة بقوة إلى عالم مستخدميالإنترنت بالإضافة إلى تعاظم التوجه إلى التعليم الالكتروني عبر الإنترنتوكل هذه الأنشطة لا يمكن ممارستها عبر بوابة الاتصال الهاتفي.
ناحية أخرى تخص موضوع سوء التصفح، تتعلق بسلوك المستخدم نفسه من ناحيةأوقات الاتصال، حيث إنه، ومن الملاحظ أن الاستخدام يتركز من التاسعة ليلاًوحتى الثالثة صباحاً، أي أن كل مستخدمي الإنترنت يستخدمون الإنترنت في وقتمحدد، وهذا يشكل ضغط على البنية التحتية للشبكة.
الحل بديل عن المحتوى الملوث
العابد قال: إن هذا الحل، في حال وجوده، فإنه يشكل فرصة استثمارية للعديدمن الجهات المستثمرة في قطاع الخدمات المضافة، ويقدم بديلاً موثوقاً عنالبديل الملوث أحياناً، والوارد لمستخدمي الإنترنت، وهو حل شبه سحريلموضوع سوء الخدمة والتصفح، على حد سواء، نظراً لما يقوم به من ترشيدموارد البنية التحتية للاتصالات، وحزمة الإنترنت الواردة لسورية.
أخيراً
صلة وثيقة بدت بين التصفح وطبيعة الخدمة المقدمة، فالموضوعان كلُّ، لايمكن فصله.. سوء الخدمة يعني سوء التصفح، وجودتها - نأمل- أن تؤديبالضرورة إلى النتيجة الإيجابية، لكن أيضاً تبقى كلمة الفصل الأولىوالأخيرة في النهاية للمتصفح والمستخدم نفسه، فتوفر درجة مناسبة من الوعيلديه مطلوبة في التعامل مع سلاح مثل هذه الشبكة، والمواقع التي تحتويها(ذات حدين)، إما للتعليم والاقتصاد، أو للترفيه والدردشة، وهي مسؤوليةمتصلة بالقائمين عليها أيضاً.
معلومات مهاجرة.. تشكل ضياعاً للموارد
الكلام المتفق عليه إذاً، هو أن طبيعة الخدمة تحدد بنسبة كبيرة طبيعة التصفح، لكن السؤال يبقى مستمراً، ما أسباب سوء الخدمة؟!.
يكمل العابد الحديث بالقول: إن سوء الخدمة بشكل عام يرجع لأسباب عديدةكضعف البنية التحتية للاتصال الذي لا يخفى على أحد، وهو أمر تقوم المؤسسةالعامة للاتصالات بمعالجته حسب الإمكانيات المتاحة، لكن بوتيرة لا تستطيعفيها مواكبة سرعة التطور في عدد المستخدمين وسلوكياتهم.
ويقول، إن السبب الأكبر والأخطر لسوء الخدمة، هو أن الشركات العاملة فيمجال تطوير خدمة الإنترنت، بغض النظر عن كونها مزودات خدمة أو شركاتاستضافة وبرمجة ما زالت تعتمد على مراكز بيانات موجودة في دول مثل أوروباوأمريكا الشمالية، وبالتالي معلوماتنا في سورية تهاجر عبر البواباتالدولية إلى تجهيزات خارج سورية، ويقوم المستهلك مرة أخرى باستيرادها منهذه المراكز، أي أنها ضياع لموارد حزم الاتصال دون طائل، ولو أن عشراتالألوف من المواقع السورية الموجودة خارج سورية كانت موجودة داخل سورية،لتضاعفت جودة الخدمة من ثلاث إلى خمس مرات، عدا عن التوفير في الكلفةالمالية لخدمة الإنترنت.
ويرى العابد أنه لابد من تكافل جميع الجهات المشرفة والعاملة في هذاالشأن، للتفكير بالأخذ بيد شركات من نوع خاص، تسمى عادة شركات إدارةالبيانات، وهي مناظرة لشركات إدارة الإنترنت، إلا أنها تقوم بتقديم مساحاتالاستضافة ولوحات التحكم، وإدارة المواقع والبرمجيات اللازمة لها علىتجهيزات موجودة في سورية.
مؤشرات
على الرغم من أنها محجوبة، يتصدر موقع الـ "فايسبوك" الترتيب (10) في قائمة المواقع الأكثر زيارة محلياً؟!"
يصل عدد مستخدمي الإنترنت محلياً إلى (2) مليون، بينما هم فعليا حوالي الـ(5) مليون.. لوجود مستخدمين عن طريق مقاهي الإنترنت أو مشتركين بخط واحدمثلاً.
تعتبر سورية من الدول الأسرع نمواً، في استخدام الإنترنت، ومع ذلك فالنسبة ما زالت في طور النمو.
المعلوماتيون الشباب، شبكة تتوجه للشباب والمجتمع بشكل عام، وتعمل في هذهالمرحلة على نشر وعي أكبر للمعلوماتية وزيادة وعي واستخدام التكنولوجياوزيادة الوعي بالمحتوى العربي.
تشكل المواقع الإباحية ما نسبته أكثر من (60%) من المواقع في العالم